محطة «غياضة»: أكبر مشروع كهرباء فى الشرق الأوسط ينطلق من صحراء بنى سويف

29/1/2018

على مسافة 40 كيلو جنوب مدينة بنى سويف الجديدة بشرق النيل، وبمنطقة غياضة الشرقية، التابعة لمركز ببا، جنوب المحافظة، تقبع محطة كهرباء غياضة الشرقية، التى تتكون من أربع وحدات، كل وحدة تتكون من 2 توربين غازى وتوربين بخارى وغلاية استعادة طاقة، توفر 4800 ميجاوات بتكلفة إجمالية تخطت 2 مليار يورو، بقدرة كهربائية بنسبة 18% من القدرة الكهربائية للشبكة القومية للكهرباء فى مصر، عقب الانتهاء من مراحل إنشاء المحطة كلياً، تلك المحطة التى حولت منطقة صحراوية تحيطها المقابر إلى صرح عملاق، من أكبر محطات الكهرباء فى العالم.

محطة كهرباء غياضة ببنى سويف لم يتوقف دورها فحسب على توليد الكهرباء، بل تخطت ذلك لتوفير فرص عمل لآلاف الشباب، وفتح مجالات تنموية للمنطقة المحيطة بشرق النيل فى بنى سويف، وتحويل قرية غياضة الشرقية من قرية طاردة للسكان إلى قرية تجارية جاذبة للسكان.

مشروعات الكهرباء فى عيون أبطالها: تخدم الملايين وتوفر فرص عمل للشباب (2-2)

مرتدياً سترة خاصة بالعاملين داخل محطة كهرباء غياضة، يقف «عبدالعاطى سنوسى خلف»، ابن مركز سمالوط بمحافظة المنيا، سائق، مردداً كلمات: «الله يعمر بيت اللى أنشأك»، لا يكف «عبدالعاطى» عن الدعاء للرئيس عبدالفتاح السيسى، قائلاً: «محتاجين كل الناس تيجى تشوف الآلاف من أبناء مصر وهما شغالين هنا، كله بيسترزق من ورا بعض، وآلاف المنازل مفتوحة من ورائها»، لافتاً إلى أنه بجانب توفير محطة الكهرباء فرص عمالة مباشرة، فإن هناك فرص عمل غير مباشرة أيضاً، سواء فى مطاعم المأكولات السريعة والقهاوى وورش الميكانيكا والسيارات، وغيرها من الحرف، التى تعمل على خدمة العاملين بالمحطة.

«سنوسى»، الذى قدم للعمل فى نقل العاملين بالمحطة من أبناء مركز سمالوط بالمنيا، فى بداية العمل بإنشاء المحطة، شاهد عيان على كيفية تحول منطقة غياضة الشرقية من منطقة صحراوية جرداء تحيطها المقابر والصخور، إلى منطقة منتعشة اقتصادياً تملك منطقة لوجيستية تعمل على خدمة العاملين بالمحطة، قائلاً: «حضرت للمنطقة منذ عام 2015 ورأيتها منطقة للمقابر، وأخبرنى أحد أبنائها بأن المنطقة كانت تسمى بمنطقة «كان يا مكان»، نظراً لكونها منطقة صحراوية تنتشر بها الصخور، ومجاورتها للمقابر، ومع بداية العمل بها بدأت فى الانتعاش وجذب السكان إليها، وأنعشت المنطقة المحيطة بها، سواء قرية غياضة الشرقية نفسها التى أقدم سكانها على إنشاء مشروعات خدمية لخدمة العاملين بمحطة الكهرباء، سواء مطاعم أو مقاهٍ أو محلات، وغيرها». وأضاف «سنوسى»: «الرئيس عبدالفتاح السيسى ربنا يجازيه خير على المشروعات دى اللى شغلت الآلاف من الشباب، أنا يومياً بشوف آلاف داخله تعمل فى المحطة».

مع الواحدة ظهراً يبدأ بعض العاملين بالمحطة فى الخروج منها لتناول وجبة الغداء خلال فترة الاستراحة، من هؤلاء كان جمال على خلف، 47 سنة، المقيم بمحافظة المنيا، ويعمل فى البناء داخل المحطة، الذى يقول: «احنا خدنا «بريك» (استراحة) نخرج نتغدى ونشرب شاى فى الكافيتريا، ونرجع تانى».

يروى «خلف» لـ«الوطن» قصة عمله داخل المحطة، قائلاً: «الحمد لله ربنا كرمنى بالعمل هنا بعد فترة من الجلوس فى المنزل دون عمل، أعمل داخل المحطة لصالح شركة فى بناء الحوائط المدنية، وأستطيع الإنفاق منها على 5 أبناء وزوجتى، ويومياً أحضر من محافظة المنيا إلى المحطة للعمل بها، قائلاً: «المحطة دى فاتحة بيوت آلاف من مصر كلها».

«سنوسى»: الله يعمر بيت اللى أنشأها ومحتاجين كل الناس تيجى تشوفها.. و«خلف»: المحطة فاتحة بيتى وبصرف منها على عيالى الخمسة

وقال محمد شريف دهشورى، أحد الفنيين بالمحطة من أبناء محافظة الفيوم: «العاملون داخل المحطة يعملون وفق تعليمات تشغيل ونظام أمان لا أحد، من أكبر مسئول بالمحطة وحتى أصغر عامل، يخالفها، هناك أماكن للمدخنين، ولا يستطيع أحد التدخين أثناء العمل، وهناك نظام أمان عال، الجميع ملتزم به، ومن يخالفه يعرض نفسه للمساءلة، متابعاً: «هناك دورات مياه تنتشر داخل المحطة، وكولديرات مياه للشرب، بالإضافة إلى ساعة لتناول الغداء، والتى تبدأ مع الواحدة ظهراً، حيث يحق للعامل الخروج إلى خارج المحطة»، مشيراً إلى أن الجميع يخضع لنظام أمان يحافظ عليهم.

ويقول أحمد على محمد، مقيم بمركز ببا بمحافظة بنى سويف، 37 عاماً، ويعمل «مشرف برّادين» مختص بتنفيذ الرسوم الهندسية للهياكل الحديدية بالمحطة: «أعمل فى المحطة منذ مايو 2015، ونظراً لأننى ابن لمركز ببا الذى تتبعه المحطة إدارياً، أعلم تماماً ماذا كانت المنطقة سابقاً، فلم تكن سوى منطقة صحراوية ميتة لا حركة بها، أما الآن فما تشهده المنطقة من انتعاشة اقتصادية من جميع النواحى، وبخاصة قرية غياضة الشرقية التى كان يعانى شبابها من البطالة والجلوس على المقاهى، وأصبحت قرية يعمل جميع من بها الآن، سواء بشكل مباشر فى المحطة أو غير مباشر فى الخدمات المعاونة لها، والآن آلاف البيوت مفتوحة من وراء المحطة، وإن كان بشكل مؤقت، لكن ربنا العالم المنطقة دى هتبقى إزاى كمان سنتين».

«ابن مركز ببا» الذى ظل سنوات طويلة من عمره يعمل مغترباً فى محافظات بعيدة، عاد للعمل قرب منزله عقب الشروع فى إنشاء المحطة، قائلاً: «أنا فاتح بيتى من ورا المحطة دى، 4 أبناء ووالدتهم، قليل لما كنت بشوفهم مرة فى الأسبوع أو الأسبوعين دلوقت بروح كل يوم بيتى، ويناموا فى حضنى».


التعليقات مغلقة